قصة للعبرة : قاطعوا القمار، قبل وقوع الطوفان .
الخميس 4 / 1/ 2018 العدد 5503 جريدةالصباح .
“الف خمار ولا قمار ”
منذ سنوات ، سرق احمد الاضواء بين مدمني القمار بالبيضاء ، فهذا الشخص بثيابه المتسخة ، ويستجدي مرتادي مقاهي القمار لاقتناء اوراق تقنية خاصة بخيول السباق بدرهم واحد ، كان مسؤولا في شركة خاصة ، جادت عليه “القمرة ” باموال وفيرة لفترة من الزمن ، فصدق وعدها ، ودون تردد قدم استقالته من الشركة للتفرغ لها ، فانقلب عليه السحر، وفقد كل شيئ . اعتاد احمد يوميا الجلوس بمقهى بشارع “لالة الياقوت “بالبيضاء بزيه الانيق ، يحتسي كوب قهوة سوداء ، وعلى الطاولة يضع سيجارة شقراء من النوع الرفيع . نادرا ما يشارك زبناء المقهى الحديث ، منشغل بقراءة ورقة تقنية عن الاحصنة المشاركة في السباق . يتفحص معلوماتها التقنية بدقة وبالتفصيل الممل ، وبخدس مبير يراهن على من سيفوز باللقاء . بعد نهاية السباق ، يبدو الانشراح على محياه فقد ضمن جزءا من المال ، على نقيض العشرات من مرتادي المقهى ، الذين اختاروا الحصان الخطأ ، ووصل غضبهم الى حد شتم الفرس ومالك الحصان بكلمات نابية . اعتاد احمد الفوز بمبالغ تتراوح بين ستة وخمسة ملايين شهريا ، فلقب بالخبير ، وصارت استشارته مطلوبة من قبل جميع ” القمارة”
في احدى مشاركاته ، فار احمد ب 20مليون ، فتوهم ان الطريق صارت مفروشة بالورود ، لكن ، دون مقدمات ، انقطع حبل الود مع” القمرة ” وتنكرت له ، فصار يخفق في كل مشاركته . لم يستوعب احمد ان ” السحر بدأ ينقلب على الساحر ، بل اعتبر الامر مجرد ” تقويسة ” ستزول مع الايام ، لكن مسلسل الهزائم وفقدان المال تواصل بشكل مثير ، فقد معها مالا كثيرا ، واضطر الى اقتراض مبالغ اخرى لاستعادة ما ضاع ، لكن دون جدوى . اضطر لبيع اثاث منزله ، فلن يوفق من جديد ، وظل يخسر ماله اسبوعا بعد اسبوع ، قبل ان يفقد زوجته ، التي تمسكت بالطلاق بعد ان رفض العودة للطريق المستقيم . ظل احمد على هذا المنوال الى ان فقد كل شيئ ، وقتها وجد نفسه ، دون مدخول يومي ، فاحترف بيع الاوراق التقنية الخاصة بخيول القمار بدرهم واحد للورقة بمقاه وسط المدينة . اثارت الدهشة جميع زبناء مقاهي القمار ، وهم يعاينون ، احمد يعرض عليهم اقتناء الورقة ، فهذا ” الخبير” الذي كان بالامس يتباهى بنجاحه ، صار اليوم يتوسل المال ، إذ وجدها البعض فرصة للنكاية به . في حين اعتبرها الاخرون رسالك سماوية، فاستوعبوا الدرس وقاطعوا القمار ، قبل وقوع الطوفان .
مصطفى لطفي .