“أزمة البطالة في المغرب و سياسة الدولة”(2/ 4)
بشرى كنوز- صحفية متدربة.
والسلوك الأخلاقي المنحدر. إن هذه المشكلات سيترتب على بعضها أمراض إجتماعية و نفسية خطيرة و ضعف الإنتماء للبلد، مما يسبب في انعدام وضعف شعور الوطنية عند المواطن اتجاه وطنه. لينتهي الأمر بالعنف و الإرهاب. و خصوصا أن الشباب العاطل كاره للمجتمع ، مما سيؤدي إلى حالة عدم الإستقرارالسياسي للبلدان التي تتفاقم فيها ظاهرة البطالة، لأن الإستقرار السياسي مرهون بقدرة الدولة على خلق فرض الشغل.
لعل من بين الأسباب الموضوعية التي أدت إلى إرتفاع نسبة البطالة في المغرب ، محدودية الميزانية العامة و ثقل المديونية ، التي تمتص بشكل مباشر قسطا هائلا من موارد الدولة لأداء خدمة الدين .وعجز الموارد المتاحة عن الوفاء بهذه الالتزامات . ان ضعف الموارد الذاتية لدولة يدل على عجز الدولة عن القيام بدور تنموي ديناميكي من شأنه ضمان استخدام كامل و امثل للموارد ، و عدم قدرتها على الترفيع من نسبة إستخلاصات الأداءات من عدة أطراف و قطاعات لأسباب تتعلق بضعف الإمكانيات البشرية. و خاصة غياب الإرادة السياسية.
أما سبب الثاني فيتمثل في إستفحال و إتساع هوة الإختلالات الهيكلية لإقتصاد البلاد ، مما يستدعي الشروع في سلسلة من الإصلاحات غالبا ما تفرضها مجموعة البنك العالمي، في إشرافها على النظامين النقدي و المالي الدوليين ،من خلال تدخلهم في تمويل التنمية و إعداد و تمويل برامج الإصلاح و إنعاش الإقتصاد من جديد. في إطار سياسة إنكماشية تركز على إدارة الطلب الكلي الشيء الذي سينتج عنه بضرورة تراجع حجم الاستثمارات العمومية ، من خلال تراجع دور الدولة في النشاط الإقتصادي و تحللها تدرجيا من الإلتزامات الإجتماعية ،و من و ظائفها المؤثرة في خلق مناصب الشغل. و إعطاء القطاع الخاص الفرصة للحلول محل القطاع العام.
ويعود ارتفاع نسبة البطالة بالمغرب إلى تبني هذا الأخير لبرامج التعديل الهيكلي ، الذي بموجبه تعمل على تطبيق نظام الخصخصة ، و التي تستهدف القضاء على فائض الطلب المحلي ، على نحو الذي يؤدي إلى خفض العجز بميزان المدفوعات و حصره في حدود مناسبة ، يمكن تمويلها بتدفقات طوعية لرأس مال الأجنبي . وقد ساهم هذا النظام في تزايد معدلات نمو البطالة إذ بادرت الشركات التي تم خصخصتها، إلى تسريح عدد كبير من موظفيها لوجود فائض في القوة العاملة في هذه الشركات ، بسبب نقص الخبرة و غياب المؤهلات، مما إضطرها لاحقا إلى تجميد أنشطتها و تسريح بقية العاملين لديها.
يأتي تنازل الدولة عن المؤسسات العمومية في إطار تعميق الإصلاحات الاقتصادية، التي شرعت فيها منذ 1956.حيث عمل المغرب على تأسيس اللبنات الأولى للإقتصاد الوطني، لكن جل السياسات المنتجة كانت مستوردة لا تتناسب و البيئة المغربية ، ( من تجربة تعاضد في الستينات إلى انتهاج اللبرالية و الخوصصة في السبعينات إلا الآن)، مما جعل الإقتصاد المغربي يشهد العديد من الأزمات و الإعوججات ،و في بعض الأحيان العديد من تناقضات.اذ بدأت حركة تحول في شكل الإنتاجي المسيطر الذي تقوده الدولة . بداية من استقلالية المؤسسات الممتدة إلى نهاية الثمانينات من القرن الماضي، و إنتهاءا ببرامج التعديل الهيكلي ، التي تدعو لها العولمة و الياتها و التي أسهمت بشكل مباشر في تقليص فرص التوظيف بالقطاع العام، فضلا عن تسريح معظم من هم داخل هذا القطاع . خصوصا وأن جل الوظائف كان يوفرها القطاع العام على الأقل حالة المغرب .