الجمارك تسبح ضد التيار!!
تستعد المملكة المغربية لتخطو خطوة جبارة نحو تحقيق الاقلاع الاقتصادي عبر خلق توأم ميناء طنجة المتوسط.
بعد أشهر قليلة سيتم افتتاح المعلمة المينائية الجديدة بالجهة الشرقية ألا وهو ميناء الناظور غرب المتوسط، الذي من المتوقع أن يشرف على تدشينه عاهل المملكة، ملك البلاد الذي لم يدخر جهدا ليجعل من الناظور بوابة المغرب على بحر البوران و منه الى الابيض المتوسط الشاسع.
من المتوقع أن يلعب ميناء غرب المتوسط نفس الدور الذي اضطلع به ميناء طنجة المتوسط في تحقيق الاقلاع الاقتصادي و تكامل البنى التحتية و تحقيق التنمية بالمنطقة الواسعة للجهة الشرقية و فاس و مكناس، خصوصا بعد اكتمال ربط هذا المركب المينائي بالطريق السيار، و خطوط السكك الحديدية، و اعادة افتتاح منجم الحديد، مع ما يعنيه ذلك من تحقيق للأمن الطاقي و سلاسة الاستيراد و تسريع عمليات التصدير، مما يمكن ساكنة المناطق المجاورة من فرص عمل قارة و موسمية مختلفة المستويات سواء التي تتطلب كفاءات عالية او التي لا تتطلب أية كفاءات تعوض الخصاص المهول في فرص الشغل و التي كانت مرتبطة في السابق بمجال التهريب المعيشي، خصوصا أن المنطقة ليست لديها
مؤهلات صناعية او فلاحية او ادارية او سياحية كبيرة، مما يجعل من مجال الخدمات القلب النابض لهاته المنطقة و في مقدمتها الانشطة اللوجيستيكية .
كلف هذا المركب المينائي القطاعين العام و الخاص مبالغ مهمة لإنجازه كان يجب أن تخصص لمناطق اخرى بالمغرب أشد تضررا في إطار العدالة المجالية، لكن إنشاء مركب مينائي ضخم يعتبر قاطرة للتنمية بمختلف مستوياتها سيهم النصف الشمال شرقي، حيث سيعزز هذا الميناء الاستثمارات المباشرة و خصوصا الصناعية منها بكل من الناظور و محيطها و وجدة ومحيطها بل سيمتد هذا المجهود الى ثاني مدن المغرب سكانا و هي فاس .
سيحاصر هذا الميناء كما فعل ميناء طنجة المتوسط مدينة مليلية و اقتصادها الموجه للتهريب المعيشي و سيسحب منها الريادة فيما يخص الملاحة البحرية و نقل المسافرين، كما سيفك الارتباط الاقتصادي لساكنة المنطقة بهذا الثغر المحتل، و يعزز السيادة المغربية البرية و البحرية علىى كامل المنطقة، خصوصا بعد افتتاح القاعدة العسكرية للبحرية الملكية، و هو ما يفسر حالة الحنق التي تعرفها الاوساط الاسبانية .
بالموازاة مع هذه المجهودات المتعددة الاوجه، تجري تحضيرات لا تقل عنها شأنا فيما يخص تأهيل الموارد البشرية و إعدادها لهذه الخطوة السيادية المهمة، لكن بالمقابل، فإن بعض مسؤولي إدارة الجمارك و الضرائب الغير المباشرة و ضدا على إرادة مديرها العام ، يسبحون ضد التيار،.إذ في حين أن جميع المتدخلين يحاولون حصر اللوائح من الكفاءات القادرة على تحقيق الرؤية الملكية و تجسيدها على أرض الواقع، فإن مدير الموارد البشرية بإدارة الجمارك لا زال يتصرف بمنطق الماريشال ليوطي و سياسته الشهيرة العصا و الجزرة، إذ تضج المديرية الجهوية للجمارك للشرق بحالات متعددة لايمكن بأي حال من الاحوال أن تكون جزءا من هذا الورش الملكي الكبير .
لا يزال هذا المدير يقوم بتنقيلات عقابية لجمركيين علاوة على عقوباتهم الادارية صوب هاته المديرية، التي من المفترض أن تكون النواة الصلبة لاشتغال هذا المركب المينائي، و الامثلة على ذلك كثيرة بل يكاد يستحيل حصرها، كما يرفض اية طلبات انتقال إالى خارج هذه المديرية بما في ذلك رفض انتقال الزوجات الى ازواجها في سيادة تشريد واضحة للأسر لا مبرر لها، مما يجعل هذه المديرية سجنا كبيرا للجمركيين، و هو ما يجعلهم في حالة نفسية و اجتماعية هشة، في حين ان الرهان على المركب المينائي يستوجب كفاءات حاضرة ذهنيا، و متزنة نفسيا، وقادرة على الإبداع، و تذليل الصعاب و العقبات . لا يزال هذا المدير يعتبر المنطقة الشرقية منطقة تأديبية للجمركيين حتى و ان تعلق الامر ببعض الهفوات التي لا تستحق اصلا اي عقاب مستغلا انشغال المدير العام بالأوراش الكبرى المرتبطة بتحقيق الاستراتيجية الجديدة لإدارة الجمارك .( طه علي )