banner ocp

“المهاجرون الأفارقة بالمغرب من أمل العبور إلى نية التوطين”

0

“المهاجرون الأفارقة بالمغرب من أمل العبور إلى نية التوطين”


image

بشرى كنوز:

مغربية مسلمة ، من مواليد مدينة قصبة تادلة،انهيت دراستي العليا في مجال الجغرافيا البشرية، و في الوقت الحالي انا طالبة في الاجازة المهنية للصحافة المكتوبة وفنيات التحرير بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال ، إنسانة تحب الحياة وتعيشها بكل امتنان قناعة ومتعة،عاشقة للسباحة، والموسيقى والحرية والسفر،طالبة علم دائماً .


إن الموقع الجغرافي للمغرب قد جعله على امتداد التاريخ الإنساني بلدا مستقبلا للهجرة ، من الشمال الأوربي و من الشرق و الجنوب ، وهكذا هاجر إليه من شمال الرومان و الوندال و الأندلسيون ثم العرب المسلمون، وهاجر إليه من الجنوب الزنوج و الأفارقة ، مما أنتج تركيبا حضريا و ثقافيا لهذا البلد يكاد يكون متفردا بخصوصيات متميزة، وهو ما عبر عنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في بعض خطبه ، حيث قال جلالته : ” إن المغرب شجرة جذورها في إفرقيا و أغصانها في أوربا ” ، مؤكدا على الأبعاد المتعددة لثقافة المغربية ، التي تعد امازغية و عربية و اندلسية و إسلامية…

image

وقد عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة هجرة مكثفة للآلاف المهاجرين الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء، و اللذين يختارون المغرب كبل للعبور إلى أوربا، إلا أن تشديد الإجراءات الأمنية للدول الأوربية و مكافحة الإرهاب ،و الضغوط التي تفرضها الحكومتان المغربية و الأسبانية ، اللتان تعملان جنبا إلى جنب للحد من التدفق غير النظامي للمهاجرين السرين إلى أوربا، كلها جعلت من المغرب بلد إستقرار للمهاجرين بدل بلد عبور.

أسباب هجرة الأفارقة إلى المغرب و دوافعها

واجه الكثير من المهاجرين الأفارقة القادمين من مناطق الصراعات مشقات كبيرة في الهرب من بلادهم. فالحروب و الإضطهاد و الفقر و البطالة و إنتشار الأوبئة و المجاعات و الكوارث الطبيعية ، أجبرت مئات الآلاف من الأفارقة ، من السنغال ،مالي ،كونغو،غامبيا…وغيرها، على ترك منازلهم و أوطانهم في سبيل تحقيق الأحلام و تحصين الأمان و كسب لقمة العيش و تأمين مستقبل أفضل لأطفالهم في دول أوربا.

image

مئات من شباب و شابات الأفارقة المنحدرين من جنوب الصحراء، اللذين جاءوا إلى المغرب لتصيد الفرصة المناسبة للإبحار إلى أوربا ، و الذين يجدون في المغرب و خاصة في مناطقه الشمالية ، القريبة من السواحل الإسبانية ،ملاذا مؤقتا أو موطئ قدم للقفز لاحقا إلى حيث الحياة إلى الشمال، إلى ما وراء البحر الأبيض المتوسط، و تحقيق الحلم بتغير قدرهم، و الوصول إلى فردوسهم المفقود التي طالما حلموا بها، غير أنه و لأسباب عديدة . سرعان ما تتبخر أحلامهم، و تنكسر على صخور الواقع المؤلم، ليجدوا أنفسهم في الهواء الطلق عرضة لتشرد و الضياع. و على الرغم من حوادث الغرق المتكررة وسط أمواج البحر الهادئة ، تتهاوى قوارب صيد خشبية صغيرة على مثنها ملايين شباب فروا من جحيم البطالة و الفقر ،أو بسبب الحروب الامتناهية في عدد من بلدان القارة السوداء . ليصبحوا و حيدين في مواجهة موت فرض عليهم ليخوضوا فيه ، بطريقة لا تقل شراسة و شدة عن ويلات حروب وطنهم.

الإقامة غير شرعية و ظروف الحياة الصعبة

أغلب المهاجرين الأفارقة دخلوا المغرب بطريقة غير شرعية و بوثائق غالبا ما تكون مزورة ، لذلك تجدهم يختارون المدن الداخلية لأن الحياة فيها أقل تكلفة من العاصمة حيث حملة التوقيفات و الإعتقالات تطول المهاجرين السرين شديدة و مكثفة . فبعد وصولهم إلى المغرب ، يجد العديد من الأفارقة أن خيارهم الوحيد هو نوم في العراء ، تحت الاغطية البلاستيكية أو في المساجد و المباني الخربة، و ينام البعض في الغابات المحيطة لتجنب عثور الشرطة عليهم ، أمام غياب مراكز لإيواء اللاجئين لتخفيف من معاناتهم الكبيرة، وكذا توفير كل سبل الأمن و الإستقرار لهم.

image

ومع تزايد هؤلاء المهاجرين أصبحت المتطلبات أكثر من طاقات الجمعيات الخيرية، و أجبر الوضع الجديد في إقدامهم على التجول بين شوارع و الأزقة و العيش بدراهم يتم تحصيلها من مهنة “التسول” ، أو العمل من اجل الحصول على لقمة العيش بكرامة و أنفة.

وقد دفعتهم هذه الظروف إلى العمل في أشغال لا تتطلب مهارات عالية ، كثير ما تكون أشغال موسمية أو مؤقتة مقابل أجور يومية منخفظة كثيرا عن الحد الأدنى للأجور على المستوى المحلي، لكونهم لا يستطعون الحصول على تصاريح إقامة ،نظرا لعدم حصولهم على العقود و نتيجة لذلك ، يجد الكثير من العمال المهاجرين أنفسهم بدون وثائق صحية ، مما يجعلهم مهاجرين غير شرعين ، و بتالي عرضة للتفرقة العنصرية لدى تقدمهم للوظائف المختلفة و إلى الإستغلال في سوق العمل و سوء المعاملة.

القطاع الغير المهيكل يمتص جزءا كبيرا من المهاجرين الأفارقة

يتواجد العديد من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين ، في جميع أنحاء المملكة بشكل غير قانوني و غير شرعي، لذا يتعذر عليهم العمل بشكل مؤسساتي أو منظم، فيعمدون إلى الإقتصاد الموازي أو غير المهيكل الذي يمتص نسبة مهمة من المهاجرين غير الشرعين الذين يضطرون إلى البحث عن أعمال هامشية غير نظامية ، و يساعد على إستقرار كثير منهم. لدى تجدهم يفترشون بضائعهم على جنبات الطرق الرئسية و الفرعية بمختلف المدن المغربية، و منهم من يقوم بإعداد الأكلات سريعة و المحلية في الأسواق الشعبية ، و المناطق العتيقة، و منهم من يستعمل قطع القماش كبيرة يكوم فوقها سلعته، و منهم من يجلس تحت مظلة مهترئة ، من ذلك النوع الذي يستعمل في شواطئ ،يبيع الحلي من الفضة كالأساور والأقراط والخلاخيل والأحزمة والخواتم والسلاسل التي تلبس في رقبة للنساء. وهذا ما إختار القيام به كبريل صوا 30 سنة ، وهو مهاجر سنغالي ” قدمت إلى المغرب منذ 4 سنوات أعيش على الإعانات التي يقدمها لي بعض الاصدقاء الأفارقة و حتى المغاربة ، و كلي امل في العبور إلى إسبانيا ثم إلى إطاليا لأعمل و أستقر هناك. لكن بعد أن فقدت أخي و بعض أصدقائي إكتفيت بالعيش في المغرب، و بيع الحلي و المجوهرات للنساء”.

image

وتقول المهاجرة ،توكي جيني فيف حنا، التي تتقن اللغة الإنجليزية و الفرنسية ، 25 سنة من الكوديفوار: ” أنا سعيدة في المغرب إنه جنة الله في الارض ،أنا شتغل في بيع مستحضرات التجميل من الصابون و الشامبو و مطري الشعر و معجون الاسنان و مزيل الروائح و الكريمات و سوائل ترطيب البشرة و لوازم التبرج… “،و من النساء الأفريقيات من تقوم بالعدبد من التسريحات الإفريقية المشهورة للمارة “كراسطا”، و إلصاق الرموش الإصطناعية و طلاء الأظافر.

image

الآن وقد أصبح المغرب بلدا لإستقرار ، للمهاجرين السرين القادمين من دول جنوب صحراء الفقيرة . الهاربين من المجاعة و الحرمان بعد أن كان نقطة عبور ، و إستراحة إضظرارية قبل إستكمال الرحلة نحو القارة العجوز ، فردوسهم الاوربية . و الذين يتزايد عددهم من سنة إلى أخرى . الأمر الذي يتطلب تكثيف الجهود لتدبير تدفق المهاجرين غير الشرعين و إقرار إجراءات جديدة لتسوية وضعهم و إدماجهم في سوق الشغل، و تعزيز إجراءات الأمن و الرقابة على الحدود.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.