banner ocp

قراءة سريعة لقانون الاضراب المغربي المثير للجدل .

0

قراءة سريعة لقانون الاضراب المغربي المثير للجدل .

قانون الإضراب المغربي هو جزء مهم من التشريعات التي تنظم علاقة الشغل في المغرب، حيث يُعتبر الإضراب حقاً دستورياً معترفاً به في الفصل 29 من دستور 2011، الذي ينص على أن “حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي الشروط والإجراءات التي يمكن أن يُمارس بها هذا الحق.”

على الرغم من الاعتراف الدستوري بهذا الحق، ظل المغرب لسنوات يعتمد على مقتضيات قديمة لتنظيم الإضراب، مثل مقتضيات مدونة الشغل الصادرة سنة 2004، التي تتناول الإضراب بشكل غير مباشر دون قانون تنظيمي صريح كما ينص عليه الدستور.

إلى غاية 2020، قدمت الحكومة المغربية مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. وقد أثار هذا المشروع نقاشاً واسعاً بين الفاعلين الاجتماعيين، النقابات العمالية، أرباب العمل، والمنظمات الحقوقية، نظراً لطبيعة المقتضيات التي جاء بها.

ينص المشروع على تعريف الإضراب كـ”توقف جماعي عن العمل بطريقة مدبرة للدفاع عن مطالب مهنية.”

هذا التعريف يميز بين الإضراب القانوني والتوقفات العفوية عن العمل.

يجب أن يتم الإعلان عن الإضراب من طرف النقابات الأكثر تمثيلية أو ممثلي العمال في المقاولة.

ضرورة اللجوء إلى مسطرة التصالح قبل اتخاذ قرار الإضراب.

إشعار مسبق بالإضراب يُوجه للمشغل (رب العمل) قبل مدة زمنية محددة (مثلاً 10 أيام)، لتفادي المفاجأة وضمان استمرارية بعض الخدمات الحيوية.

المشروع يضع ضوابط لضمان استمرار الخدمات الأساسية، مثل الصحة، النقل العمومي، الأمن، وغيرها، حيث يُمنع الإضراب التام في هذه القطاعات لضمان المصلحة العامة.

يمنع المشروع أي ضغط أو إكراه على العمال الذين لا يرغبون في المشاركة في الإضراب، مما يُعزز مبدأ الحرية الفردية في اتخاذ القرار.

ينص المشروع على أن حق الإضراب يقتصر على المطالب ذات الطابع المهني أو الاجتماعي، مع منع الإضرابات ذات الطابع السياسي أو التضامني التي لا ترتبط مباشرة بمطالب الشغيلة.

ترى النقابات أن بعض مقتضيات المشروع تُقيد الحق في الإضراب بشكل غير مباشر من خلال الإجراءات المعقدة والإشعارات المسبقة الطويلة.

الانتقادات تتعلق أيضاً بتوسيع مفهوم “الخدمات الأساسية” مما قد يُفرغ الحق في الإضراب من مضمونه.

يرحب بعض أرباب العمل بالتنظيم القانوني للإضراب لما يوفره من وضوح واستقرار قانوني، خاصة فيما يتعلق بالإشعار المسبق واستمرارية الخدمات.

تعتبر بعض المنظمات أن المشروع يمس بجوهر الحق الدستوري في الإضراب، عبر فرض قيود غير مبررة على طريقة تنظيمه وممارسته

قانون الإضراب المغربي في صيغته الجديدة يهدف إلى تحقيق توازن بين:

حماية الحق الدستوري في الإضراب كوسيلة ضغط مشروعة للدفاع عن الحقوق والمطالب.

ضمان استمرارية بعض الخدمات الأساسية التي تؤثر مباشرة على حياة المواطنين.

توفير مناخ آمن ومستقر للاستثمار والاقتصاد.

مع ذلك، يبقى هذا المشروع في حاجة إلى حوار اجتماعي موسع بين الحكومة، النقابات، أرباب العمل، والمجتمع المدني لضمان توافق واسع حول مقتضياته، بما يحقق العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي في آن واحد.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.