بسم خالق السماء،وخالق الظلمة والضياء..أرفع لك حروفا وعلمي يقين يا أبتي أنك عاجز عن فك طلاسيمها لضرورة كانت ملحة،ممتزج بيقين تام أن أحاسيسك هي الوحيدة القادرة على قراءتك لها وتلاوتها عطفا و حبا مستقران ها هنا بين النبض والنبض..يا أبتي العظيم،عاجز أبنك الضعيف هذا أمام محراب جلالك..ضعيف جدا حد الزوال بدونك وبدون وجود ابتسامتك المعهودة وتلك النكت عن معشر العظماء من البنائين الكادحين..يا أبتي تعبت من حمل رؤياك داخلي دون تصريفها واقعا ملموسا محسوسا أمامك،ولم أجد لها من طريقة أنظف و أنقى غير البوح،هذا الشعور الدافئ الذي يسكننا اتجاهك وأنت الآتي من بعيد كبطل صارع جيشا بأكمله وحيدا وعاد لنا و نحن صغارا ليحدثنا عن البطولة ومعنى التضحية في سبيل الوجود والاستمرار،لم تعلمنا يوما مكر التلاعب مع الاخر غير الحذر منه ومكائده دون النزول بأفعالنا نحو حضيضه..لم ترغب يوما أن نشاركك تلك الحرب خارجا عن ما أمنته لنا من مكان ولم تدفعنا يوما لا بقوة ولا بطيب خاطر أن نحمل معك يوما هم مؤونة طاقية للحياة..فقط كان كل همك منصب نحو صنع رجال أبطال من النبل والاحترام لا غير،كلماتك منارة لظلمتنا يا أبتي ونعود لها دائما حين الشدة”صفي تشرب”،”اترك الخلق للخالق”،عنداكم تيقوا بزاف في بنادم” …وبحكم تجاربك وأنت الصغير الذي خرج بفأسه و معواله ليحارب مكائد الزمن تعلمت ولخصت علينا تجارب سنين،وجعلتها لنا كتابا يقرأ من عينيك…
أبتي العظيم لا أخفيك سرا،حجم رغبتي الشديدة المحرقة في إهدائك تقاعد مريح بعد حجم التعب ذاك،وكم أجدني عاجزا جدا أمام رغبتي الصادقة التي أعيش لها ولأجلها بعيدا عن كل أسرار الوجود الكونية..فأعود منكسىرا منكسا أعلام عوالمي نحو عالم الكتابة منخارا جاثيا أمام هيبة الحرف وسلطته عله يحمل الحلم بدلا عني و يحقق الأمنية والحلم الوحيد الذي يستحق فعلا أن أعيش له ما تبقى من أيام…يا أبتي أتذكر جيدا رؤياك وإني لها من العالمين،تلك التي تحدثنا فيها برؤيتك لمقام المصطفى عليه الصلاة والسلام باسم الأماكن المقدسة ووصفها وكأنك فعلا أسري بك في تلك الليلة التي جعلت لك حلما ما زلت تستمد منه طاقة الكفاح والجود..يا أبتي ها أنا أقصص رؤياك على القارئين وما أنت بقارئ فهيم..فأكون عازفا بمزامير الحروف صانعا قوة لي أمام العجاف من السنين،صادقا مرضيا خافضا لك جناح الذل من الرحمة علي أكون لك من الشاكرين..صابرا محتسبا أجري عند الله في انتظار السمان من سنبلات أرض الظالمين..أبتي العظيم تحية إجلال لك مني ولمعشر البنائين الكادحين،الصامدين بائعي جهدهم لضمان عيشهم الكريم،قد يتألمون بدلا عنا كما تتألم لكنهم في يوم لا محالة سيتذوقون طعم النعيم…ايمانا بقوله تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم،ولنجزين الذين صبروا اجرهم باحسن ما كانو يعملون..صدق الله العظيم”سورة النحل،الاية 96.
تحرير:
العتوبي عبدالاله.